لأنَّ نعمة الحركة هي جوهر الحياة النشطة، ولأنَّ صحة مفاصلكم تُشكِّل المفتاح الأساسي لجودة حياتكم، نلتقي في هذا اليوم العالمي لنرفع معًا راية التوعية والوقاية.
رسالتنا: تسليط الضوء على أمراض الروماتيزم والمفاصل، ودعم جهود التشخيص المبكر، والترويج للعلاجات الفعَّالة، والعمل لتحسين حياة الملايين حول العالم الذين يتعايشون مع هذه الحالات.
وصى الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]. فالحرص على صحة الجسد، والمفاصل على وجه الخصوص، جزءٌ من حماية النفس من التهلكة والعواقب الوخيمة.
🌿 ما هو الروماتيزم؟ فهم طبيعة المرض
يُخطئ مَن يظنُّ أن “الروماتيزم” هو مرضٌ واحد. بل هو مصطلحٌ شامل لمجموعة كبيرة من الاضطرابات الصحية، غالباً ما تكون التهابية ومزمنة، تُصيب المفاصل والأنسجة الضامة المحيطة بها. ومن أبرز هذه الأمراض:
- التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis) – مرض مناعي ذاتي.
- التهاب المفاصل الشبابي (Juvenile Arthritis) – يُصيب الأطفال.
- النقرس (Gout).
- الذئبة الحمامية الجهازية وغيرها من أمراض المناعة الذاتية المرتبطة بالمفاصل.
هذه الأمراض لا تقتصر على مجرد “ألم” عابر، بل قد تُؤثِّر سلبًا على نطاق الحركة والمرونة، وتُسبِّب آلامًا مزمنة وإرهاقاً شديداً، قد يصل في الحالات المتقدمة إلى الحد من القدرة على ممارسة أبسط الأنشطة اليومية.
🔍 الأسباب وعوامل الخطر: مَن الأكثر عُرضة للإصابة؟
لا يزال السبب الدقيق لكثير من أمراض الروماتيزم غير معروف تماماً، لكن هناك عدة عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة:
- العمر: تزداد خطورة الإصابة ببعض الأنواع، مع التقدم في السن.
- الوراثة والاستعداد العائلي: وجود تاريخ مرضي في العائلة يرفع من مستوى الخطورة.
- الوزن الزائد والسمنة: حيث يخلق ضغطًا إضافيًا على المفاصل الحاملة للوزن، خاصة الركبتين والوركين.
- الإصابات السابقة: تعرُّض المفصل لكسر أو التواء شديد قد يجعله أكثر عُرضة للمشاكل لاحقًا.
- الجنس: بعض الأمراض، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، تكون أكثر شيوعاً بين النساء.
- أمراض المناعة الذاتية: وجود أمراض مناعية أخرى كالذئبة أو السكري قد يكون مرتبطًا.
💡 الأعراض التحذيرية: انتبه إلى هذه الإشارات
- ألم مستمر أو متكرر في المفاصل، قد يكون حادًّا أو طاعنًا.
- تورُّم واضح أو احمرار في منطقة المفصل المصاب.
- تيبُّس وصعوبة في حركة المفاصل، خاصة عند الاستيقاظ صباحاً أو بعد فترة من الراحة.
- شعور بالدفء أو الحرارة حول المفصل.
- ضعف في العضلات المحيطة، وفقدان تدريجي للمرونة ونطاق الحركة الطبيعي.
- إرهاق عام وتعب غير مبرر.
🩺 مرحلة التشخيص الدقيق:
- الفحص السريري: تقييم حالة المفاصل والعضلات ومدى الحركة.
- الفحوصات المخبرية: تحاليل الدم للكشف عن علامات الالتهاب والأجسام المضادة المرتبطة بأمراض المناعة.
- التصوير الطبي: مثل الأشعة السينية، التصوير بالرنين المغناطيسي، أو الموجات فوق الصوتية، لتقييم مدى الضرر الواقع على المفصل والأنسجة.
خطة العلاج الشاملة:
- العلاج الدوائي: يشمل مسكنات الألم، والأدوية المضادة للالتهابات، والأدوية المُعدِّلة لسير المرض (DMARDs)، والعقاقير البيولوجية المتطورة.
- العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل: تمارين مخصصة للحفاظ على قوة العضلات ومرونة المفاصل.
- العلاج الوظيفي: تعلم طرق أداء المهام اليومية بأقل ضرر على المفاصل.
- إدارة الوزن: حيث يُعد تخفيف الوزن من أهم خطوات العلاج.
- العلاجات التداخلية: مثل الحقن الموضعي داخل المفصل (كورتيكوستيرويدات، حمض الهيالورونيك).
- الجراحة: تُعد حلاً أخيرًا في الحالات المتقدمة، مثل جراحات استبدال المفصل أو تنظيفه.
🛡️ نصائح ذهبية للوقاية وإدارة الحالة بنجاح
- حافظ على نشاطك: مارس تمارين خفيفة لا تُجهد المفاصل، كالمشي والسباحة وتمارين الإطالة.
- حافظ على وزن صحي: كل كيلوغرام تُخفِّفه هو تخفيف لأربعة أضعافه من الضغط على ركبتيك.
- نظام غذائي : اعتمد على نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة، أوميغا 3 (الموجودة في الأسماك)، الكالسيوم، وفيتامين د.
- احمِ مفاصلك: تجنب الحركات المتكررة المجهدة، واستخدم التقنيات السليمة لرفع الأحمال.
- استمع إلى جسدك: توازن بين النشاط والراحة، ولا تهمل الألم.
- الزم خطة علاجك: المتابعة الدورية مع طبيبك والتزامك بالعلاج هما أساس السيطرة على المرض.
💚 رسالة من مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري
العناية بمفاصلكم ليست ترفاً، بل استثمار في رصيد حركتكم واستقلاليتكم. لا تتجاهلوا آلام المفاصل أو التيبس المتكرر. استشيروا طبيبكم فوراً، فالتشخيص المبكر هو درعكم الواقي من المضاعفات، ومفتاحكم لحياة نشطة ومُرضية.
وقال الإمام علي (ع): «دَوَاؤُكَ فِيكَ وَمَا تُبْصِرُ، وَدَاؤُكَ مِنْكَ وَمَا تَشْعُرُ» (نهج البلاغة). فبداخلنا مكامن الصحة والشفاء، وبوعينا وإدراكنا لِما في أجسادنا نبدأ رحلة الحفاظ عليها. لنعمل معاً من أجل مفاصل صحية، وحياة أكثر حيوية.
تمنياتنا بالصحة والسلامة للجميع
د. مهدي عبد الصاحب
اختصاص جراحة العظام والكسور