يُعد التهاب المفاصل من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ويخطئ من يعتقد أنها مشكلة تقتصر على كبار السن فقط.
في الواقع، يمكن أن يصيب التهاب المفاصل الأشخاص من مختلف الأعمار، بما في ذلك الأطفال والشباب.
ما هو التهاب المفاصل؟
التهاب المفاصل هو مصطلح عام يشمل أكثر من 100 حالة مرضية مختلفة تؤثر على المفاصل والأنسجة المحيطة بها. يتميز بالألم، والتورم، وتيبس المفاصل، وقد يؤدي إلى انخفاض القدرة على الحركة. يمكن أن يؤثر على مفصل واحد أو عدة مفاصل في الجسم.
أنواع التهاب المفاصل الشائعة
1. سوفان المفاصل (Osteoarthritis):
وهو النوع الأكثر شيوعاً، ويحدث نتيجة تآكل الغضاريف التي تحمي نهايات العظام مع تقدم العمر أو بسبب الإصابات المتكررة. على الرغم من أنه يصيب كبار السن بشكل أكبر، إلا أن الإصابات الرياضية وبعض العوامل الوراثية قد تؤدي إلى ظهوره في سن مبكرة.
2. التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis)
وهو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي الأغشية المبطنة للمفاصل، مما يسبب التهاباً مؤلماً وتورماً قد يؤدي إلى تشوه المفاصل. يمكن أن يبدأ في أي عمر، بما في ذلك مرحلة الطفولة.
3. التهاب المفاصل الصدفي (Psoriatic Arthritis)
يرتبط هذا النوع بمرض الصدفية الجلدي، ويسبب التهاباً في المفاصل وتغيراً في الأظافر وتورماً في الأصابع أو القدمين.
4. التهاب المفاصل الشبابي
(Juvenile Arthritis): نوع يصيب الأطفال والمراهقين دون سن 16 عاماً، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل في النمو ومضاعفات أخرى إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه بشكل صحيح.
عوامل الخطر
تختلف عوامل الخطر حسب نوع التهاب المفاصل، ولكن بشكل عام تشمل:
- العامل الوراثي: بعض أنواع التهاب المفاصل لها ميل وراثي.
- العمر: يزداد خطر الإصابة ببعض أنواع التهاب المفاصل مع تقدم العمر.
- الجنس: تصاب النساء بالتهاب المفاصل الروماتويدي أكثر من الرجال.
- الإصابات السابقة: يمكن أن تزيد إصابات المفاصل السابقة من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل في وقت لاحق.
- زيادة الوزن: يضع الوزن الزائد ضغطاً إضافياً على المفاصل، خاصة الركبتين والوركين والعمود الفقري.
- نمط الحياة: قلة النشاط البدني أو الإفراط في بعض الأنشطة الرياضية قد يزيد من خطر الإصابة.
أعراض تستدعي استشارة الطبيب
ينبغي استشارة الطبيب عند ظهور أي من الأعراض التالية:
- ألم مستمر في المفاصل
- تورم أو احمرار في المفصل
- صعوبة في تحريك المفصل
- تيبس صباحي في المفاصل يستمر لأكثر من ساعة
- ارتفاع درجة حرارة المفصل عند لمسه
- ضعف عام وتعب وفقدان الشهية مع آلام المفاصل
الوقاية تبدأ من الان
الخبر الجيد أن هناك خطوات بسيطة لكنها فعالة للوقاية من التهاب المفاصل أو تأخير ظهوره:
- الحفاظ على وزن صحي:
يساعد الحفاظ على وزن صحي في تقليل الضغط على المفاصل، خاصة مفاصل الركبتين والوركين والقدمين. يمكن تحقيق ذلك من خلال نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام. - ممارسة التمارين الرياضية المناسبة
تقوي التمارين الرياضية العضلات المحيطة بالمفاصل وتحافظ على مرونتها. مثل السباحة والمشي وتمارين تقوية العضلات والحفاظ على مرونة المفاصل والتي لا تضع ضغطاً كبيراً على المفاصل - غذاء صحي:
يساعد النظام الغذائي الصحي في الحفاظ على صحة المفاصل:
– الأسماك الغنية بأوميغا 3: والتي لها خصائص مضادة للالتهابات
– الفواكه والخضروات الورقية: غنية بمضادات الأكسدة التي تحارب الالتهابات
– منتجات الألبان والمكسرات: للحصول على الكالسيوم الضروري لصحة العظام
– البروتينات الخالية من الدهون*: للحفاظ على قوة العضلات - تجنب الإصابات
– استخدم معدات الحماية المناسبة أثناء ممارسة الرياضة
– تعلم التقنيات الصحيحة لرفع الأشياء الثقيلة
– خذ فترات راحة وتجنب الحركات المتكررة لفترات طويلة - تجنب التدخين
يزيد التدخين من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
العلاج والتعايش مع التهاب المفاصل
عند تشخيص الإصابة بالتهاب المفاصل، هناك عدة طرق للتعايش مع الحالة وتخفيف الأعراض:
1. العلاج الطبي: يشمل الأدوية المضادة للالتهابات، مسكنات الألم، والأدوية المعدلة لسير المرض، اعتماداً على نوع التهاب المفاصل وشدته.
2. العلاج الطبيعي: يساعد في تقوية العضلات، وتحسين نطاق الحركة، وتعليم تقنيات لتخفيف الألم.
3. دعم نفسي واجتماعي: يلعب الدعم النفسي والاجتماعي دوراً مهماً في التعايش مع التهاب المفاصل المزمن. يمكن الانضمام إلى مجموعات دعم للتواصل مع أشخاص يواجهون تحديات مماثلة.
4. تعديلات نمط الحياة: قد تشمل استخدام أدوات مساعدة، تعديل بيئة المنزل أو العمل، وتعلم طرق حماية المفاصل أثناء الأنشطة اليومية.
الآثار النفسية والاجتماعية لالتهاب المفاصل يمكن أن يؤثر التهاب المفاصل على جودة الحياة بطرق متعددة:
– الألم المزمن: يمكن أن يؤدي إلى القلق والاكتئاب
– تحدد الحركة: قد تؤثر على استقلالية الشخص وقدرته على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية
– التغيرات في المظهر: خاصة في التهاب المفاصل الروماتويدي، قد تؤثر على صورة الجسم والثقة بالنفس
الخلاصة و رسالة اجتماعية مهمة
يجب أن نكسر الصورة النمطية بأن التهاب المفاصل “مرض الكبار فقط”، وأن نبدأ بتعليم الأطفال والشباب أساليب حماية مفاصلهم. الوقاية مسؤولية فردية ومجتمعية معاً.
لا تنتظر الألم ليبدأ… الوقاية تبدأ الآن!
تمنياتنا بالصحة والسلامة للجميع
الدكتور مهدي عبد الصاحب
اختصاص جراحة العظام والكسور