تأثير الألعاب الألكترونية على الجهاز العظمي-العضلي

Share on twitter
Share on facebook

د. مهدي عبد الصاحب – اخصائي جراحة العظام والكسور

الألعاب الالكترونية هي نشاط ذهني ترويحي ظهرت في الثلث الاخير من القرن الماضي، وأخذت حيزاً كبيراً من حياة وسلوك الطفل بفعل تقنياتها ومميزاتها ودون الاحساس بمخاطرها الصحية أو السلوكية أو الثقافية. وتشمل ألعاب الحاسوب، والإنترنت، والفيديو (PlayStation) وألعاب الهواتف النقالة، والأجهزة الكفية.  

وتعتبر هذه الألعاب سلاح ذو حدين، وقد انقسم الباحثون -نحو أثار الألعاب الإلكترونية- الى اتجاهين:

الأول متفائل ويرى انها ذات ايجابيات فعالة في التعلم والتعليم، واكتساب المهارات الاجتماعية والمعرفة الاكاديمية لدى اللاعبين مثل مهارة البحث عن المعلومات والتفكير والتحليل، وتنمية القدرة على الحوار الإيجابي والنقاش الهادف مع الحاسوب، مهارة الكتابة والطباعة ومهارة اكتساب اللغات الأجنبية. كما انها تزيد من استخدام استراتجيات الانتباه والسرعة في معالجة المعلومات وحل المشكلات وغيرها من الايجابيات.  كما انها تجعل الأطفال أكثر إصرارا على تحقيق النجاح والفوز وإصراره في تحقيق أهدافه والتخطيط لحياته.

والبعض من هذه الألعاب تعمل على تنشيط الجسم والحركة والسير السليم ، وذلك بفعل حركات افتراضية تفاعلية يقوم بها اللاعب عن بُعد، مما سمح للكثير من المدمنين على الألعاب الإلكترونية بتنشيط أجسامهم والحفاظ على الرشاقة البدنية والحيوية الصحية. ومن جهة أخرى أظهرت دراسة حديثة أمريكية أن إدمان ألعاب الكمبيوتر والفيديو ربما يمثل شكلاً أكثر إمتاعاً وألفة للعلاج الطبيعي في أمراض مستعصية مثل: حالات الشلل الدماغي والتصلب العصبي المتعدد وغيرها التي تحتاج إلى كثير من جلسات العلاج لتحسين حالاتهم الصحية، وفي ذات السياق أثبت نظام علاجي تجريبي يعتمد على ألعاب الفيديو في علاج مرضى اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة عند الأطفال نجاحاً مبشراً.

أما الاتجاه الثاني فيرى على الرغم من الفوائد التي قد تتضمنها بعض هذه الألعاب إلا أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها. حيث إن قضاء ساعات طويلة أمام هذه الألعاب يؤدي الى مجموعة من المشاكل المادية والاقتصادية والثقافية والدينية والاخلاقية والأمنية والتربوية والتعليمية والاجتماعية والصحية -النفسية والعقلية والبدنية- وأظهرت دراسة اجريت في الجزائر أن الألعاب الإلكترونية ليست تسلية بريئة، فهي محكومة بالمنظومة القيمية لمنتجيها والتي ليست ذاتها لدى المجتمع العربي والاسلامي، وتؤدي وظائف ظاهرها التسلية اما المستترة منها ما هو مرتبط بنشر ثقافة منتجيها والترويج للعنف وفساد الأخلاق.

ان ادمان الألعاب الألكترونية يخلف أمراضاً نفسية وبدنية ومن أهم الاضرار البدنية التي قد تصاحب هذه الألعاب هي:

  • انتشار السمنة وزيادة الوزن بين الاطفال وما يصاحبها من أمراض بسبب الكسل وقلة الحركة والابتعاد عن الأنشطة الرياضية والفعاليات وذلك للساعات الطويلة التي يستغرقها الطفل في هذه الألعاب.
  • أكدت بعض الدراسات أن إدمان نسبة كبيرة من الناس بمختلف الأعمار قد تسبب رعشة تصيب أصابع اليدين وآلام الرسغ، الصداع والدوار والعزلة عن الناس وتدني التحصيل والنتائج الدراسية.
  • بقاء الأطفال في المنازل في ساعات النهار لممارسة الألعاب الإلكترونية، وعدم التعرض لأشعة الشمس يتسبب بإصابتهم بنقص فيتامين”D“ وهشاشة العظام بصورة مبكرة عن غيرهم، وآلام الظهر والركبتين والإصابة بانحناء وتقوس العمود الفقري كما تصبح مناعتهم ضعيفة.
  • بقاء الأطفال لساعات طويلة معا في غرفة ضيقة أو محدودة التهوية تتسبب في إصابتهم بفيروسات بالجهاز التنفسي، وبزيادة احتمالات الإصابة بالأمراض المعدية.
  • من خلال بعض الدراسات الميدانية اشتكى العديد من الأطفال من آلام الرقبة وخاصة الناحية اليسرى منها إذا كان الطفل يستخدم اليد اليمنى، وفي الجانب الأيمن إذا كان أعسر.  
  • ومن أضرارها البدنية الآخرى الضعف والهزال بسبب سوء التغذية، فالطفل لا يشارك أسرته في وجبات الغذاء ، فيتعود على الأكل غير الصحي في أوقات غير مناسبة للجسم.
  • وتوجد المزيد من الأدلة على التأثير السلبي للادمان على الألعاب الألكترونية على كفاءة النوم والأرق وصحة وأداء الأطفال لتعرضهم للارهاق.
  • الادمان على الألعاب الإلكترونية تؤدي إلى برمجة داخلية للعقل، وتقمص الأطفال لشخصيات عنيفة قد تعرضهم الى الإصابات المختلفة لأعضاء الجسم . وأكدت دراسات حديثة أن الأطفال يمكن أن يتصرفوا بشكل عدواني بعد اللعبة التي تتسم بالعنف. وجاء اهتمام الخبراء بعد الحادثة الدموية التي وقعت عام 1999 في مدرسة لتلتون في “كولورادون”، حيث ذبح 23 طالبا وجرح 23 طالبا آخر من قبل طالبين انتحرا فيما بعد، وظهر أنهما كانا يمارسان الألعاب الإلكترونية العدوانية بشكل متواصل.
  • علاوة على ما تسببه هذه الألعاب من أضرار نتيجة ما تفرزه من إشعاعات وذبذبات على جسم الطفل، وما يصاحب ذلك لاحقاً من تهيئات وأحلام مفزعة أثناء النوم.
  • وقد وجدت بعض الدراسات بأن ألعاب الكمبيوتر تتجه نحو إعاقة تطور الدماغ، واحتمال ظهور نوبات الصرع لدى بعض الأطفال، كما أن لديهم الميل نحو فقدان السيطرة على أنفسهم وما يسببه ذلك من مشاكل صحية بدنية ايضاّ وأن هذه الألعاب تنتج أجيالا غبية وتميل إلى ممارسة العدوان أكثر من الأجيال السابقة.
  • كما أظهرت نتائج الدراسات أيضا أن اللعب بألعاب العنف ولفترات طويلة يضع الأطفال في خطر من الإثارة الفيزيولوجية وضربات القلب وضغط الدم.
  • ومن الحالات النادرة التي قد يحصل لمستخدمي الكومبيوتر وبالخصوص لكبار السن ونتيجة الجلوس لفترات طويلة وبدون حركة هو اعتلال الدورة الدموية التي قد تسبب الجلطات الدموية في الشرايين العميقة بسبب تخثر الدم في الساقين وانتقاله الى الرئتين.
  • وهناك دراسات مهمه اجريت في بريطانيا عزت الاصابات التي تصيب الاطفال والمسماة باصابات توتر الاطراف الترددي والتي تعرف باسم (RSI) الى ادمان الاطفال على الكومبيوتر. ويعتقد د. ليون ستاكر ان المستقبل لا يبشر بالخير بالنسبة للأطفال في كثير من دول العالم الاول اذا لم تعالج المشكلة على وجه السرعة.

وتعتمد هذه السلبيات على عدة عوامل منها:

  • نوع اللعبة.
  • عدد الساعات التي يقضيها الطفل اوالشاب أمام هذه الاجهزة لممارسة الألعاب.
  • جنس الطفل: حيث ان نسبة ممارسة الألعاب الالكترونية مرتفع بين الذكور أكثر من نسبته لدى الإناث.
  • الفئة العمرية للطفل.

ولتقليل الآثار السلبية لهذه الألعاب قد قدم العلماء والباحثون النصائح التالية للآباء والأمهات:

1.  تحديد زمن ومدة اللعب، على ان لا يتجاوز ساعتين على أكثر تقدير.

2.  التحقق قبل شراء اللعبة من الرموز الخاصة بما يتناسب وعمر الطفل. 

3.  أن يكون الطفل قد أنجز واجباته المدرسية قبل اللعب، ولا يكون خلال وجبات الطعام اليومية.

4.  عدم وضع جهاز البلاي ستيشن أو الكمبيوتر في غرفة الطفل.

5.  ضرورة تبادل الآراء مع الطفل حول مضمون اللعبة.

6.  رصد الأوقات التي يقضيها الطفل في الاستهلاك الإعلامي، سواء مع ألعاب الأنترنيت أو التليفزيون.

7.  أهمية أن يتبادل الأهل المعلومات حول الألعاب التي يمارسها أطفالهم حتى يساعدوا بعضهم بعضا، وكذلك زيادة

     المعلومات المتاحة لديهم.

المقالات الجديدة