في الأول من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، يحتفي العراق بيوم الطبيب العراقي، في وقفة وفاءٍ واعتزازٍ بأبنائه الذين نذروا حياتهم لخدمة الإنسان.
إنه يوم يُجسّد أسمى معاني الامتنان والتقدير لمن حملوا رسالتهم الطبية السامية وسط تحدياتٍ جسام وظروفٍ استثنائية جعلت من عطائهم ملحمةً إنسانية تستحق التوثيق.
جذور الريادة… وإرثٌ طبيٌ عريق
لم يأتِ اختيار هذا التاريخ عبثاً، بل هو استذكارٌ لتأسيس كلية الطب في بغداد عام 1927، أول صرحٍ طبي أكاديمي في العراق، التي أرست دعائم التعليم الطبي الحديث في البلاد والمنطقة.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الطبيب العراقي رمزاً للكفاءة والتميّز، اسماً لامعاً في أرقى المستشفيات والمراكز البحثية عالمياً، ومشعلاً ينير دروب العلاج والأمل.
أكثر من مجرد مناسبة…
إنها شهادةٌ على الصمود يتجاوز هذا اليوم الطابع الاحتفالي الرمزي، ليُصبح إقراراً وطنياً وجماهيرياً بدور الطبيب العراقي الذي لم يتخلَّ عن واجبه رغم عواصف المحن: الحروب المتتالية، سنوات الحصار القاسية، تهالك البنى التحتية، وغياب الاستقرار الأمني.
وبرغم كل ذلك، ظلّ في الخطوط الأمامية، يؤدي رسالته بأمانةٍ وشرفٍ، مقدّماً روحه قبل خدماته.
مسيرة نضالٍ… ووجهٌ مُشرّفٌ للعراق
تاريخ الطبيب العراقي ليس سجلاً مهنياً فحسب، بل مسيرة نضالٍ وتضحية. في أحلك اللحظات، كان صوت الحياة في وجه الموت، ومنبع الأمل في زمن الألم.
لم تكسر المصاعب إرادته، ولم تُثنِه العقبات عن طموحه. وحين اضطُر كثيرون منهم لمغادرة الوطن، حملوا اسم العراق عالياً في أعرق المؤسسات الطبية العالمية، مساهمين في تطوير الطب الإنساني وإنقاذ الأرواح في كل القارات.
تكريمٌ حقيقيٌ… يستحق أن يُترجم إلى أفعال
لا يكفي التكريم بالكلمات وباقات الزهور، بل يجب أن يُترجم إلى خطواتٍ عملية تُعيد للطبيب العراقي مكانته وكرامته، ومن أبرزها:
* توفير بيئة عمل آمنة ومُحفّزة تحمي الطبيب جسدياً ونفسياً، وتُمكّنه من أداء رسالته بكفاءة.
* تعزيز الحماية القانونية والمهنية لضمان حقوقه وصون كرامته من أي اعتداءٍ أو تجاوز.
* تحسين المستوى المعيشي برفع الرواتب وتقديم حوافز مادية ومعنوية تُقدّر جهوده.
* وقف نزيف هجرة العقول الطبية من خلال برامج وطنية جادة تستقطب الكفاءات وتستعيد المهاجرين.
* الاستثمار في التعليم الطبي والتدريب المستمر لمواكبة التطورات العلمية العالمية ورفع مستوى الخدمات الصحية.
* تطوير البنى التحتية الصحية وتزويد المستشفيات بأحدث المعدات والتقنيات الطبية.
ختاماً…
الطبيب العراقي لم يكن يوماً مجرد موظف، بل قدوةٌ في العطاء، وعنوانٌ للإخلاص، وسندٌ لكل أسرة عراقية. فليكن يوم الطبيب العراقي محطةً للتأمل والإصلاح الحقيقي، وفرصةً لترجمة الامتنان إلى سياساتٍ وقراراتٍ تحمي هذه النخبة الوطنية التي لا يستقيم بناء الوطن ولا نهضته بدونها.
🌸 كل عام والطبيب العراقي بالف خير وعافية 🌸