في مشهد لا يُنسى، وبين الحياة والموت، خاضت سيدة خمسينية واحدة من أخطر معارك الطب، بعدما داهمها فيروس دماغي شرس كاد أن يسلبها حياتها في لمح البصر.
كانت قد عادت للتو من السفر، وبينما تحاول استئناف حياتها، فوجئ أهلها بانهيار مفاجئ لحالتها؛ بدأت بحركات لا إرادية عنيفة، مع ازرقاق كامل في جسدها، واختلاجات تنذر بكارثة تنفسية وعصبية وشيكة.
لم تمهلهم اللحظة للتفكير، فسارعوا بنقلها إلى طوارئ مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري.
هناك، كان الوقت هو العدو الأول، لكن الفريق الطبي لم يتردد لحظة.
أُعطيت أدوية إسعافية بشكل عاجل، ونُقلت مباشرة إلى وحدة العناية المركزة، في حالة وعي مضطرب لا تستجيب فيها إلا للألم، وتُعاني من هذيان حاد، مع اشتباه واضح بالتهاب رئوي زاد الطين بلّة.
الشكوك الطبية كانت تمضي نحو الأخطر، فقرّر أخصائيو الأعصاب إجراء تحليل طارئ للسائل الشوكي، ولم تتأخر الصدمة: التهاب دماغي فايروسي قاتل ناتج عن فيروس الهربس من النوع الأول (HSV-1)، أحد أكثر الفيروسات عدوانية، والذي يُعد من الحالات العصبية النادرة التي تهدد الحياة خلال ساعات.
هنا بدأت معركة البقاء. أعطيت المريضة أدوية مضادة للفيروسات بجرعات عالية، إلى جانب مضادات حيوية وعناية تمريضية لا تهدأ. ومع كل ساعة تمر، كان الأمل يُولد من جديد.
وفي الأيام التالية، بدأ وعي المريضة يعود شيئًا فشيئًا، وبدأت تستعيد كلماتها الأولى، ونظراتها الأولى، إلى هذا العالم الذي كادت تودعه إلى الأبد.
وبعد ثلاثة أيام من المراقبة الحثيثة، انتقلت من العناية المركزة إلى الردهة الطبية، وأكملت علاجها حتى خرجت من المستشفى بصحة مستقرة، دون أن تترك العدوى أي أثر عصبي خلفها.
هذه المعجزة لم تكن لتتحقق لولا فضل الله تعالى، وحكمة وسرعة تدخل الفريق الطبي، بقيادة:
• د. أمير حامد الحسيني – أخصائي الطب الباطني
• د. خطاب الخفاجي – أخصائي طب الجملة العصبية
إلى جانب أبطال وحدة العناية المركزة، من الكادر التمريضي وتقنيي التخدير، الذين واجهوا هذا الخطر بصمتٍ ويقظة، وسهرٍ لا يعرف الكلل.
في مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري، لا نُؤمن بالمستحيل، فكل نبضة حياة تستحق أن يُقاتَل من أجلها، وكل مريض هو قصة أمل لا يجب أن تُنسى.