في واحدة من أعقد الحالات الطبية وأكثرها خطورة، استقبلت طوارئ مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري مريضة مسنّة وهي في حالة تدهور شديد: تشوش ذهني حاد، ضيق في التنفس، وانتفاخ بطني واضح، بعد خمسة أيام من أعراض شملت الإمساك المزمن، التقيؤ المتكرر، والإرهاق العام.
الفحص السريري الفوري كشف عن مؤشرات صريحة لتسمم دموي وخلل كلوي حاد، ما استدعى تدخلاً تشخيصيًا عاجلًا لتحديد مصدر الانهيار السريع في الوظائف الحيوية.
وبقيادة فريق الباطنية، وبالتعاون مع أخصائي الأشعة التشخيصية الدكتور عماد الكفيشي، أُجري تصوير طبقي محوري للبطن، كشف عن وجود كيس مائي كبير في الكبد يبلغ قطره 15 سم، يحتوي على أكياس فرعية متعددة، مع علامات تمزق جزئي وتسرب لمحتوياته داخل التجويف البطني. كما أظهرت الصور ارتشاحًا شديدًا في المساريق، وسوائل حرة في البطن، والتهابًا صريحًا في الغشاء البريتوني.
سرعان ما تفاقمت الحالة إلى صدمة تحسسية (Anaphylactic shock) نتيجة تسرب مكونات الكيس، ترافقت مع صدمة إنتانية (Septic shock)، وفشل كلوي متسارع، ما شكّل تهديدًا مباشرًا على حياة المريضة.
تم تفعيل بروتوكول علاجي فوري مكثّف شمل إعطاء مضادات حيوية واسعة الطيف، دعم لوظائف الكلى، ومراقبة دقيقة للعلامات الحيوية، بالتزامن مع استعداد الفريق الجراحي بقيادة الدكتور سمير الزويني لإجراء عملية طارئة لاحتواء التسرب ومعالجة التمزق.
بفضل الجاهزية الطبية، وسرعة التنسيق بين التخصصات، أُنجزت العملية بنجاح. ونُقلت المريضة بعد ذلك إلى وحدة العناية المركزة تحت إشراف الدكتور أمير الحسيني، حيث بدأت مؤشرات التحسن بالظهور تدريجيًا: تراجعت المؤشرات الالتهابية، استعادت الكلى وظائفها، وعاد الوعي تدريجيًا، حتى استقرّت الحالة بشكل تام.
غادرت المريضة المستشفى بعد أيام من الرعاية المكثفة، في حالة صحية مستقرة، وسط مشاعر الفرح العارمة لعائلتها، وامتنانهم العميق للكادر الطبي الذي وقف على مفترق الحياة والموت.
📍الفريق الطبي المعالج:
• د. أمير الحسيني – اختصاص الطب الباطني
• د. سمير الزويني – اختصاص الجراحة العامة
• د. عماد الكفيشي – اختصاص الأشعة التشخيصية
• د. أحمد الكلابي – اختصاص الأشعة التشخيصية
تحية تقدير وامتنان لجنود العناية المركزة، وكوادر التمريض، وتقنيي التخدير، الذين سهروا على راحة المريضة في لحظة حاسمة من حياتها.
في مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري، لا يُنظر إلى الألم على أنه نهاية، بل يُستقبل كنداء للرحمة، وفرصة للشفاء، تقودها الخبرة العلمية وتحتضنها إنسانية لا تعرف التخاذل.