بعد أربعين عامًا من استئصالها الجزئي، عادت الغدة الدرقية لتُثقل أنفاس سيدة وتعصف بحياتها، إذ تسبب تضخمها الشديد بانحراف القصبة الهوائية، والضغط على المريء، وصعوبة في التنفس، إلى جانب تغير ملحوظ في الصوت. لم تكن مجرد حالة جراحية معقدة، بل تحدٍ طبيّ استدعى مهارة استثنائية من فريق التخدير والجراحة في مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري.
الدكتور غدير عبد الحسين، أخصائي الجراحة العامة المشرف على العملية، وصف الموقف قائلاً:
“واجهنا تحديًا جراحيًا وتخديريًا فريدًا بسبب امتداد الغدة المتضخمة إلى تجويف الصدر وجوانب العمود الفقري، مما جعل استئصالها يتطلب دقة عالية للحفاظ على الأعصاب والغدد الجار درقية.”
أما الدكتور زيد الموسوي، أخصائي التخدير، فكشف عن تعقيد آخر زاد من خطورة التدخل الجراحي:
“المريضة كانت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، وضعف في عضلة القلب، إلى جانب تشوه في القصبة الهوائية، مما جعل إدخال أنبوب التنفس مهمة بالغة الصعوبة. لجأنا إلى تقنية تخدير متقدمة تضمن استمرار التنفس أثناء إدخال ناظور القصبة الهوائية، وهي لحظات فارقة استغرقت 15 دقيقة من الدقة والتركيز.”
ومع اجتياز العقبة الكبرى، انطلقت الأيادي الجراحية بثبات، ليتمكن الفريق بقيادة الدكتور غدير عبد الحسين من إزالة الغدة بالكامل، مع الحفاظ على الأعصاب المغذية للأحبال الصوتية، والغدد الجار درقية، في إنجاز طبي يُحسب لمستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري.
بعد ساعات من الرعاية المشددة، فتحت المريضة عينيها على واقع جديد، حيث التنفس بات أكثر سلاسة، والصوت استعاد عافيته، لتُعبر بامتنانها العميق عن رحلة طبية غيرت مجرى حياتها، بفضل براعة جراحية وتخديرية أنقذتها من براثن الخطر.



