مقدمة
تُعدّ متلازمة المبيض متعدد الكيسات (Polycystic Ovary Syndrome – PCOS) من الاضطرابات الهرمونية الشائعة التي تصيب النساء في سن الإنجاب، وتمثل أحد الأسباب الرئيسية لاضطرابات الدورة الشهرية ومشكلات الخصوبة. تتميز هذه الحالة بوجود أكياس صغيرة مملوءة بالسوائل على المبيضين، ما يؤدي إلى اضطراب عملية الإباضة ووظائف المبيض بشكل عام.
أولاً: التعريف العلمي
تُعرف متلازمة المبيض متعدد الكيسات بأنها خلل هرموني يؤثر في وظيفة المبايض، مما يعوق عملية نضوج البويضات، ويؤدي إلى تراكم جُريبات غير ناضجة تُرى غالبًا على شكل أكياس بالموجات فوق الصوتية. وتُعد هذه المتلازمة من الاضطرابات متعددة الأبعاد، إذ تشمل أعراضًا غدية واستقلابية وتناسلية.
ثانيًا: الأسباب المحتملة
رغم عدم وضوح السبب الدقيق، فإن هناك عدة عوامل متداخلة قد تسهم في تطوّر المتلازمة، منها:
1. العوامل الوراثية: لوحظ ارتفاع معدلات الإصابة بين أفراد العائلة الواحدة، مما يشير إلى وجود دور وراثي.
2. الاختلالات الهرمونية: ارتفاع مستويات الأندروجينات والأنسولين يُعد من الملامح الشائعة التي تسهم في تطور الأعراض.
3. مقاومة الأنسولين: تُعد من العوامل المحورية، إذ تؤدي إلى تحفيز إفراز الأندروجينات وتفاقم أعراض المتلازمة.
4. الالتهابات المزمنة: تُشير بعض الدراسات إلى أن الالتهاب منخفض الدرجة المزمن قد يسهم في الاضطرابات الهرمونية المصاحبة.
ثالثًا: الأعراض السريرية
تتفاوت الأعراض من حالة لأخرى، وتشمل:
• اضطرابات في الدورة الشهرية (تباعد، انقطاع أو غزارة غير معتادة).
• زيادة الوزن أو صعوبة في فقدانه.
• فرط نمو الشعر في مناطق غير معتادة (الوجه، الصدر، البطن).
• ظهور حب الشباب.
• صعوبة الإنجاب نتيجة لاضطرابات الإباضة.
رابعًا: التشخيص
يعتمد تشخيص PCOS على معايير “روتردام” التي تتطلب توفر اثنين على الأقل مما يلي:
1. اضطراب أو انقطاع التبويض.
2. علامات سريرية أو بيوكيميائية لفرط الأندروجين.
3. وجود مبيض متعدد الكيسات عند التصوير بالموجات فوق الصوتية.
ويُعزّز التشخيص بإجراء فحص سريري شامل، اختبارات دموية للهرمونات، وفحص بالسونار الحوضي.
خامسًا: خيارات العلاج
لا يوجد علاج شافٍ حتى الآن، إلا أن التدخلات الطبية تهدف إلى السيطرة على الأعراض وتقليل المخاطر المستقبلية، وتشمل:
1. العلاج الدوائي:
• موانع الحمل الفموية لتنظيم الدورة وتقليل الأندروجينات.
• الميتفورمين لتحسين مقاومة الأنسولين.
• أدوية تحفيز الإباضة مثل كلوميفين أو غونادوتروبين.
• مضادات الأندروجين مثل سبيرونولاكتون لتقليل الشعر الزائد وحب الشباب.
2. تعديل نمط الحياة:
• خفض الوزن من خلال النظام الغذائي الصحي والنشاط البدني المنتظم يُعد من أكثر الطرق فعالية في تقليل الأعراض وتحسين التوازن الهرموني.
3. التدخل الجراحي:
• في الحالات المقاومة للعلاج، يمكن اللجوء إلى كي المبيض باستخدام المنظار كخيار بديل لتحفيز الإباضة.
سادسًا: الوقاية والتعايش
لا يمكن منع الإصابة بـ PCOS بشكل تام، غير أن التبكير في التشخيص وتبنّي نمط حياة صحي، بالإضافة إلى المتابعة الطبية المنتظمة، يساهمان بشكل كبير في التحكم بالأعراض وتحسين جودة الحياة. مع العلاج المناسب، تستطيع معظم النساء المصابات أن يحظين بفرص جيدة للحمل والإنجاب.
تمنياتنا بالصحة والسلامة للجميع