لم يكن أحد يتوقع أن يتبدل حالها بهذه السرعة. سيدة خمسينية، لا تحمل في جسدها تاريخًا مرضيًا ثقيلًا، فجأة، تبدأ معاناتها بصمتٍ ثقيل لا يُرى، ثم تنفجر الأعراض دفعةً واحدة، كأن جسدها يصرخ من الداخل.
الارتفاع الحاد في نسبة اليوريا، علامات التسمم، وعجز الكلية المفاجئ كانت إشارات واضحة أن الوقت بدأ ينفد، وأن شيئًا خطيرًا يهدد حياتها من الداخل.
وصلت إلى مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري وهي تُصارع مضاعفات تسمم دموي متقدم، وكان القرار لا يحتمل التأجيل.
الدكتور رياض رشيد، أخصائي جراحة الكلى والمسالك البولية، وقف على مفترق خطير: إما التدخل الفوري، أو الاستسلام لتدهور قد لا يُمكن عكسه.
وقال الدكتور رياض:
“تدهورت حالة المريضة بشكل مفاجئ، وبدأت المؤشرات الحيوية بالانهيار. لم يكن هناك خيار سوى التدخل الجراحي الفوري، وإلا فقدناها.”
الساعة تقترب من منتصف الليل، والمريضة على حافة الانهيار.
بفضل الله أولًا، وبقرار حاسم، أُجريت لها عملية طارئة لتفويه الكلية وقسطرة الحالب – وهي من أدق الإجراءات الجراحية، تهدف إلى فتح مجرى البول وتخفيف الضغط الهائل عن الكلية المتوقفة عن العمل.
وأضاف الدكتور رياض:
“العملية استغرقت 10 دقائق فقط، وهو وقت قصير لكنه كان كفيلًا بإنقاذ حياتها. السرعة كانت عاملًا حاسمًا لتقليل مضاعفات التخدير وتسريع التعافي.”
من جانب آخر، تولّى الدكتور أسامة عيسى، أخصائي التخدير، المهمة الدقيقة لإجراء تخدير آمن وسريع في ظل حالة حرجة لا تحتمل أي تأخير.
وقال الدكتور أسامة:
“نسّقنا بشكل سريع مع الفريق الجراحي، واخترنا نمط التخدير بعناية ليكون فعّالًا وآمنًا بأقصى درجة ممكنة، وكانت استجابة المريضة ممتازة.”
مرت الساعات الأولى بعد الجراحة بحذرٍ بالغ، وكان الأمل ينمو بصمت في عيون الأطباء. وبعد ثلاثة أيام من الرعاية الدقيقة في المستشفى، تنفست المريضة الصعداء وخرجت من الدائرة الحرجة.
خرجت تمشي، تتحدث، وتبتسم، بعدما كانت قبل أيام في مواجهة مع المجهول.
تحسّن حالتها لم يكن مصادفة، بل ثمرة عناية إلهية، وقرار طبي جريء، وتكامل جهود بين الجراحة والتخدير والتمريض.
في مستشفى الإمام الحجة (عج) الخيري، لا نعدّ العمليات بالأرقام، بل بالأرواح التي تُعاد إلى الحياة بفضلٍ من خالقها.
